منتدى مناهج النقد الأدبي المعاصر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مناهج النقد الأدبي المعاصر

منتدى يعنى بمناهج النقد الأدبي المعاصر .
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 باسم الله الرحمان الرحيم الدكتور محمد خرماش أستاذ النقد الأدبي الحديث والمعاصر : محمود درويش : الكتابة والالتزام"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد خرماش
Admin



المساهمات : 44
تاريخ التسجيل : 29/05/2008
الموقع : أستاذ باحث

باسم الله الرحمان الرحيم الدكتور محمد خرماش أستاذ النقد الأدبي الحديث والمعاصر  :  محمود درويش : الكتابة والالتزام" Empty
مُساهمةموضوع: باسم الله الرحمان الرحيم الدكتور محمد خرماش أستاذ النقد الأدبي الحديث والمعاصر : محمود درويش : الكتابة والالتزام"   باسم الله الرحمان الرحيم الدكتور محمد خرماش أستاذ النقد الأدبي الحديث والمعاصر  :  محمود درويش : الكتابة والالتزام" Emptyالسبت أبريل 11, 2009 7:09 am

باسم الله الرحمان الرحيم
الدكتور محمد خرماش
أستاذ النقد الأدبي الحديث والمعاصر ص ب :379 – مكناس – المغرب
هـ: 00212668478914 فاكس: 00212535516776
Email:mkharmach@hotmail.com


" محمود درويش : الكتابة والالتزام"
من المعلوم أن الأدب الفلسطيني شعرا ونثرا قد انبثق من جلباب السياسة والتاريخ، وتحرك ضمن مسارات المقاومة والاحتلال، وخاصة منذ 1948؛ ولائحة الأسماء الفلسطينية المناضلة في السرد وفي الشعر وفي غيرهما طويلة لا تبتدئ بمحمود درويش ولا تنتهي عنده، لكنه يمثل معلمة بارزة في محافلها التي تجسد القضية في الأدب والأدب من القضية، ومن ثمًًَّ تميُّزُها بوحدة الرؤية والتئام المشروع وتضافر الروافد والمعطيات.
أن تكون فلسطينيا من الداخل أو من الشتات ، من طلائع الكتاب والمثقفين أو من أجيال الانتفاضات ، وسواء عرفت أرض فلسطين أو ولدت خارجها ولم تعرفها، لا بد أن يحتويك نفس المشروع الثقافي ونفس المخيال الجمعي الذي يمتح من نفس الأقانيم ، من نفس الهوية ونفس التاريخ ونفس الآمال والتطلعات؛ ولا عبرة بعد ذلك أو مع ذلك للأبعاد الزمكانية أو للإكراهات الجغرافية او التاريخية او السياسية اوالاقتصادية... وما تحاول الحرب او الحروب تذويبه وتقليصه فان الأدب يعمل على إثباته وإبقائه وتخليده؛ وحتى حينما تتخلى المقاومة عن السلاح من أجل المفاوضة والمفاوضات،فان الأدب يقاوم متمسكا بالخريطة كلها، بمرابع الصبا ومنابت الذكريات ...وما الديوان الأخير لمحمود درويش:"لماذا تركت الحصان وحيدا؟" الا مثال واحد من الأمثلة البارزة على ذلك التوجه المميز في الأدب الفلسطيني المواكب لوقائع السياسة ومواقعها،والمشبع بحيثيات النضال من أجل اثبات الذات في وطن الأرض وفي وطن الكتابة؛
ف"الكتابة جرو صغير يعض العدم" و " الكتابة تجرح من دون دمْ" كما يقول درويش نفسه (حالة حصار ص 83)
ولذلك فالذي يريد أن يقرأ محمود درويش لابد أن يقرأه نموذجا لكل فلسطيني: طفولة معرضة لمآسي الحرب والتهجير والخوف والقلق والإحباط والاضطراب، وشبيبة مغتربة مناضلة مطاردة ومحاكمة ، وانتماء سياسي محاصر ومكبوت، وصراعات مريرة، ومحاولات عصية لفرض الرأي وفرض الوجود ... لقد عاش محمود درويش ومات متشوقا لأرضه ووطنه، فاتخذ من الشعر وطنا وقبيلة وهوية؛ وبكتابة الشعر وشعرية الكتابة أصبح محمود درويش مواطنا عربيا وعالميا ...
منفاي : كل خرائط الدنيا وخاتمة الكآبة .ا (العصافير تموت في الجليل)
إن محمود درويش أكثر من يمثل المسيرة الصعبة نحو مجال الأدب الذي تتجلى فيه العلاقة الحقيقية بين الكائن واللغة، بين الذات والعبارة...فمنذ أن غادر أرض الميعاد سنة 1970 فارا من عسف الصهاينة ومضايقاتهم ، وهو يسكن الكتابة والكتابة تسكنه، وحينما أطل بصيص من الأمل في ترميم الكيان الفلسطيني ، انتكأ الجرح القديم ، واشتد نقح التجاذب المؤلم بين العودة واللاّعودة ، بين الاستقرار وعدم الاستقرار ، بين الشعر والوطن بين الكتابة والالتزام ؛ وفي أوانات الشد لا يجد الشاعر أو الأديب من ملاذ إلا إلى أدبه وشعره، فالكتابة قدره والشعر مساره ومصيره ، وفي الكتابة يسكن الوطن ولذلك فهو التزام في الكتابة وكتابة في الالتزام .
كتب محمود الشعر الملتزم منذ يفاعته، وفي السجن وتحت الإقامة الجبرية، وبعد عودته من موسكو الى القاهرة ثم الى بيروت حيث أسس مجلة الكرمل التي أصبحت منبره الشامخ ؛
وتوزعت أشعاره بين حب المرأة وحب الأرض والتغني بآمال العودة والاستقرار، لكنه بعد النكبة الكبرى طفر طفرة نوعية فأحدث قطيعة مع كلاسيكيات البكاء والحنين وارتاد آفاق الفلسفة متخذا من صور الأم وصور الحبيبة محاور لمنظومة أشعاره المسكونة بهاجس البعث والانبعاث، وتجربة الموت والخلاص...
إنني عدت من الموت لأحيى، لأغني
فدعيني أستعير صوتي من جرح توهّج ( كفر قاسم - ديوان: آخر الليل)
يتحدث درويش عن فلسطين كما يتحدث العاشق عن معشوقته، ويتحدث عن معشوقته كما يتحدث الغريب عن وطنه ، ويتحدث عن الشعر بما هو عشق وهوية وفرح وألم وآمال.ا إنه الحلم الذي تتقاطع فيه الرؤى ويتحد الواقع بالخيال في بنيات متناسلة بصورها المشعة وتراكيبها الفذة وإيقاعاتها المتناغمة، في حرارة وحيوية تمتح من ذاكرة قوية، وذكريات ملحاحة، وحس جمالي متدفق،وقدرة فائقة على تطويع اللغة لاستيعاب المنظومة الفنية والفكرية في التحام أنيق موحِّد بين ديناميكية الإبداع ورؤية العالم. وكل هذا بالنسبة لدرويش من صميم المقاومة أو هو أدواته الفعالة في المعركة الشرسة، يعبئ له كل الصور وكل المحاور وكل التيمات والموضوعات ، لافرق بين الأم والحبيبة والشعب والوطن:
فلسطينية العينين والوشم فلسطينية الإسم
فلسطينية الأحلام والهم فلسطينية المنديل والقدمين والجسم
فلسطينية الكلمات والصمت فلسطينية الصوت فلسطينية الميلاد والموت
حملتك في دفاتري القديمة نار أشعاري حملتك زاد أسفاري وباسمك، صحت في الوديان: (عاشق من فلسطين)
وهكذا فكل الحمولات فلسطينية أو ينبغي أن تكون كذلك.اوهي الشغل الشاغل في الحال والمآل ، في اليقظة وفي المنام .ا
وبنفس الرؤية والتوهج يستطيع درويش أن يطلق الحوارات المدهشة بين الأشياء المتناقضة والوضعيات المتأزمة،وكأنه يستشرف استنبات الغياب وتقريب المستحيل، فتنشأ حدة في الكتابة وفي القراءة لتقوية معنى الرفض ومعنى المقاومة ومعنى الإصرار والعناد.
ولم يكن درويش ممن يجتر نفسه أو يعيد مقولا مكرورا وإنما كانت كتابته في تطور مستمر تحفزه طاقة إبداعية كبيرة تتمثل سيمات الحداثة المتبلورة في الشعر وفي الفكر، وتنسج الروابط الحميمة بين الكائن والممكن ، بين الإنسان والأرض، بين الطبيعة والتاريخ، في جميع التفاصيل وفي أدق الصور وأعمق الحيثيات ، وبلغة حميمية لطيفة ومؤثرة؛ انه التحام الذات بالعالم والأشياء، وتمثل المواقف والوضعيات في فرادة ثابتة وأصالة راسخة لا تقطع مع القديم ولا تتنكر للجديد ، وهذه الجدلية الساخنة بين الشعر وروافده ، بين الشاعر ومرجعياته هي ما أكسب أشعاره تميُّزا خاصا في المشهد الشعري العربي المعاصر، وعلى مدى الإبداعات المتلاحقة؛ ولا يكمن مصدر الإشعاع عنده في تلك المزاوجة الخصبة بين المرأة والوطن والشعر فقط ، وإنما هو أيضا في التحام الأنا الشعرية بالإنسان وبالطبيعة ، بالصور المشبعة وبالأفكار المضمخة ، انه المركز الذي تتقاطع فيه كينونة الإنسان وكينونة الشاعر وكينونة الفلسطين : تاريخا وشعبا وحضارة. فمن خلف أغصان الزيتون والبرتقال، يتراءى في أعماق الكتابة رمز الهلال والصليب وتحضر هجمات المغول وعذابات المسيح...
ولو أن السيد المصلوب لم يكبر على عرش الصليب
ظل طفلا ضائع الجرح ... جبان (يوميات جرح فلسطيني)
ومنذ ديوان "يوميات جرح فلسطيني"(1969) وأشعار محمود درويش تزخر بالرموز والأساطير في صيغ تحديثية مواكبة ورائدة لحركية الشعر العربي المعاصر وفي عملية تناصية متقنة ومثمرة؛ وبعد أشعار المشاكلة والتوصيفات، أصبح درويش يستثمر أبعاد الاستعارة والمجازات لتركيب صور معقدة تترجم أعماق الوجدان الفياض وتطارد الواقع المنفلت على الدوام.
سأصرخ في عزلتي لا لكي أوقظ النائمين
ولكن لتوقظني صرختي من خيالي السجين (حالة حصار 35)
إنها صورة مركبة تركيبا مزجيا عجيبا، فالشاعر في عزلة وسط الناس، والمفروض أنه لا يحيط به إلاّ الصمت والوحدة والوحشة ،وهو يعرف أن الصراخ لا يجدي شيئا ، لكن هذا منطق العقل، أما منطق الشعر فيرى أن صرخة الشاعر ستدوي في الأحقاب والأزمان ، وإن كان يأسه بادٍ من إيقاظ السادرين في سباتهم أو في خدرهم من حوله وهم الأقربون ، فلا أقل من أن يوقظ نفسه من وهم عالق إلى حقيقة قاسية كي لا يستغرقه سراب الأمل الكاذب في أن ينجده (م) أحد أو يفك عنه(م) الحصار الخانق؛ وطبعا فالنص الغائب هو العتاب والمؤاخذة على العرب المتقاعسين الذين لا يحركون ساكنا أمام غطرسة إسرائيل وجبروتها ...
لنا إخوة خلف هذا المدى إخوة طيبون ، يحبوننا ، ينظرون إلينا، ويبكون،
ثم يقولون في سرهم: "ليت هذا الحصار هنا علنيُّ..." ولا يكملون العبارة :
" لا تتركونا وحيدين..لا تتركونا" ( حالة حصار 33)
فالصورة عند محمود درويش ذات حركية متعامدة، فهي إبداع جديد وقيمة فنية في حد ذاتها، وهي وظيفة فاعلة في البناء الشعري الكثيف، وجل القصائد عنده إن لم نقل كلها تتشكل عبر مجموعة من الصور الحافلة بأكثر من إيحاء وأكثر من خطاب، وهو مكمن المتعة المتجددة في القراءات المتعددة...وإذا كانت آثار الصدمات التاريخية في معالم القدر الفلسطيني تؤثث دواوين المرحلة مثل "أعراس- 1977" و"حصار لمدائح البحر-1986" وأشعار الكرمل ، فإن نغمة اليأس والتوتر والغضب تطبع دواوين أخرى لاحقة مثل "ورد أقل 86" و" ذاكرة للنسيان 86" و" مديح الظل العالي 84" وهلم جرا...
إنه الأسى العميق الذي يعتصر قلب الشاعر وتفيض به الأشعار الغزيرة التي تستهدف وجدان القارئ قبل عقله، فلا يني منجذبا إلى مناخها ألأسي، قد لا يفهم الكثير مما تعنيه، لكنه ينغمر بإشعاعاتها المعدية ، وإذا به متوتر أو حزين أو قلق أو غاضب ،ولذلك كان محمود درويش يحظى بالتصفيقات الحارة في جميع المحافل التي تنصت لقصائده العصماء...ا
ولربما لم يقل درويش كل شيء،لكن أشعاره تقوله في كل زمان وفي كل مكان، ومن الأكيد أن لو امتد به العمر لكنا الآن نقرأ أشعارا مدوية حول حصار غزة ، والحرب على غزة، وصمود غزة ، ولقال فيها مثلما قال في" الأوراس":
فالوحش يقتل ثائرا والأرض تنبت ألف ثائر .ا
يا كبرياء الجرح .ا لو متنا لحاربت المقابر .ا
رحمك الله يا محمود ، ولتسكن روحك الخالدة ، فأنت راقد في الوجدان لا في الأكفان ..ا
وأقول لكم ما قال الفقيد : " تصبحون على وطن".ا
د. محمد خرماش
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://manahijnaqdia.yoo7.com
 
باسم الله الرحمان الرحيم الدكتور محمد خرماش أستاذ النقد الأدبي الحديث والمعاصر : محمود درويش : الكتابة والالتزام"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مناهج النقد الأدبي المعاصر :: أبحاث و دراسات-
انتقل الى: