منتدى مناهج النقد الأدبي المعاصر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مناهج النقد الأدبي المعاصر

منتدى يعنى بمناهج النقد الأدبي المعاصر .
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأديب.. وثقافة الاتهام (عندما ينقد الشاعر والنص بعيدا عن المنهج النقدي ) .. بقلم رمضان حينوني / الجزائر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
رمضان حينوني




المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 19/03/2011

الأديب.. وثقافة الاتهام (عندما ينقد الشاعر والنص بعيدا عن المنهج النقدي ) .. بقلم رمضان حينوني / الجزائر Empty
مُساهمةموضوع: الأديب.. وثقافة الاتهام (عندما ينقد الشاعر والنص بعيدا عن المنهج النقدي ) .. بقلم رمضان حينوني / الجزائر   الأديب.. وثقافة الاتهام (عندما ينقد الشاعر والنص بعيدا عن المنهج النقدي ) .. بقلم رمضان حينوني / الجزائر Emptyالثلاثاء سبتمبر 06, 2011 3:28 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: رمضان حينوني / جامعة تمنراست -الجزائر
ramdanne@gmail.com

يحدث كثيرا ونحن نتصفح مواقع الإنترنيت المختلفة أن تقع أعيننا على انتقادات وآراء حول مسائل مختلفة، وطبيعي جدا أن يعبر كل قارئ عن نفسه في المسائل العامة والخاصة ، لكن عندما يتعلق الأمر بانتقاد الأشخاص ، فإن الحذر والحيطة ضروريان، ولا بد من الاحتكام إلى القواعد والأصول في النقد ومنها التبين و النسبية في الأحكام، والفهم الجيد للمنقود أو مادته محط الملاحظة.
ويمكننا أن نلاحظ أن شريحة من القراء ما تزال تتخذ من العواطف والقناعات الدينية والسياسية منطلقا فريدا لنقد الأدب. ولقد حصلت من أحد المواقع على هذه الردود إثر وفاة الشاعر السوري محمد الماغوط، أحب أن أنقلها كما وردت:
- هلك (الماغوط) وذاق حر الموت وشدته، وانتقل من الأمل إلى الأجل، وتحول من المطلع إلى المصرع، وضُرب بينه وبين شهواته بسور!
- نَفَقَ (الماغوط) بعد أن سبَّ العظيمَ الجبار، وتنقصَ الحبيبَ المختار، وبعد أن ادعى النبوة، وسخر من الكتاب والسنة !
- فَطَسَ (الماغوط) بعد أن أضل جبلا كثيرا من الشباب، وثلم أعراضهم، وأفسد عفتهم، ونشر فيهم الفحش والبذاءة، وبث فيهم القِحة وقلة الحياء!
- فتخلفُ الأمة وحِطتها،من أسباب (الماغوط) وشيعته، ومن سار على سبلهم من خُشارة الناس وسقطهم، من حداثيين وليبراليين! 1
إنه لمؤسف أن تكون الردود على هذه الشاكلة ، أبعد ما تكون عن روح النقد وجلال الموت. يمكن أن لا تكون لأصحابها علاقة مباشرة بالأدب والنقد، لكن الطريقة هذه في تقييم الأشياء عمت في وقتنا الحالي، وأصبحت عامل ضغط على الأدباء وإحباط لهم. وهذا النقد الانفعالي الانطباعي ليس جديدا في تاريخنا العربي، فلقد تعرض عدد من الشعراء قديما لمثل هذا بسبب فكرة عبروا عنها، أو لفظ وظفوه أو سيرة دأبوا عليها، ولم يشفع لهم شيء مما أبدعوه مقابل ذلك عند هذا النمط من القراء الذين يتتبعون السقطات ليشهروها، ولا يهمهم بعد ذلك أن يروا من ذات الشاعر حكمة بالغة أو رأيا سديدا أو تعبيرا جميلا.
إن العلاقة بين إنتاج الأديب وحياته الخاصة ما تزال تقيد كثيرا من القراء والناقدين عندما يعكفون على دراسة هذا النص أو ذاك، أو عندما يصدرون أحكامهم له أو عليه. لا أقصد بالطبع أصحاب التوجه النفسي أو الاجتماعي، لأن هؤلاء مهما تكن الملاحظات الموجهة إلى جهودهم، فهم يعتمدون منهجا علميا أو قريبا من العلمي في دراساتهم وبحوثهم، مما يعطي لما يتوصلون إليه شيئا من المصداقية. لكنني أعني أولئك الذين لا ينظرون إلى الإبداع والابتكار وقوة المعالجة إلا بمقدار ما يتطابق مع النموذج البشري الذي يريدونه، أو المثال الذي إن خالفه الأديب فهو في الهاوية، وإن أجاد.
وبالرغم من دعوة المناهج الحداثية إلى إبعاد النص الأدبي عن المؤثرات النفسية والاجتماعية، فإننا نرى أن دراسة حياة الأديب لا تضر بالنتائج المتوخاة من البحث دائما، فنحن لا ننكر دراسات اجتماعية ونفسية ساعدتنا بشكل واضح في فهم الإبداع لدى مجموعة من المبدعين العرب أو العالميين، ومكنتنا من تفسير ظواهر وألغاز اقترنت بنصوص حازت الشهرة والعالمية، فبدا النقاد وكأنهم المكتشفون لكنوز النصوص، فنالوا الشهرة التي نالها أصحاب النصوص التي اشتغلوا عليها، بل إن بعضهم اقترن اسمه بالأديب الذي درس أدبه.
لكن ذلك لا يتعدى نطاق العامل المساعد، إلى العامل الأساس، أي إن النص الأدبي هو المستهدف لا الأديب في شخصه. وقد أكد عز الدين إسماعيل في كتابه الشهير " التفسير النفسي للأدب" هذه الحقيقة حين أكد على أن خضوع النص الأدبي للدراسة النفسية يبعدها عن دائرة الأدب ويقربها من علم النفس، فعلى الناقد إذن أن يستعين بالتحليل النفسي لدراسة النص الأدبي لا العكس.2
ومع ذلك كله، فقد عيب على من انتهج هذا المنهج في الربط بين حياة الأديب وإنتاجه، انحرافهم في التفسير والتأويل، وتحميل النص الأدبي ما لا يحتمل وهذا الذي حدث مع طه حسين في دراسته عن المعري. والعقاد ومحمد النويهي في دراستهما للحسن بن هانئ (أبي نواس)، وغيرهما.
وليس بالضرورة أن يسقط الأديب دائما حاله النفسية أو الاجتماعية واعيا أو غير واع على موضوع نصه. وإلا فإنه سيكون عندئذ كمن يمشي في الشارع وينادي بأسراره في المارة فيضحكون منه أو يدينونه، أو إن تطلب الأمر يرشقونه باليد واللسان، لأن بعض ما سيقوله لا يتفق وما يريدون. ورغم إيماننا بأن النص ليس منفصلا تماما عن صاحبه، إلا أن ما يلفت الانتباه هو قدرة الأديب على جعل علاقته بالنص علاقة فنية جمالية، بحيث لا نشعر أننا نقرأ الأديب بل نقرأ الإنسان وإن كان بعض ما نقرأه يحيلنا إلى زاوية أو ركن من نفس ذلك الأديب.
ورغم كل ما سبق، فإن المناهج السياقية والنسقية معا أفادت الأدب، ولم تهاجم الأديب إلا بمقدار ما رأت من تقصير في التزامه بهذه المسألة الفنية أو الجمالية أو تلك المسألة الموضوعية أو القيمية. فنحن نذكر على سبيل المثال نقد أصحاب الديوان للمدرسة الإحيائية، وكيف أنه كان على شدته يدور حول التقليد والتجديد وما يتعلق بهما؛ ورغم ما تمخض عن" الديوان" من نتائج إصلاحية في الأدب والنقد، فقد بقي شوقي وحافظ والبارودي وأمثالهم شعراء كبارا يستشهد بشعرهم، ويطرب ويتغنى به.
إننا في زمان، تطورت فيه نظريات النقد وطرقه، بل تطورت فيه أخلاقياته أيضا؛ فلم يعد مسموحا للناقد أن يتجاوز قدرا في عمله يلحق فيه الضرر بمنقوده. كما أن النظرة إلى النص الأدبي نفسها باتت اليوم متعددة ومتقلبة، بحيث أنك تقرأ النص قراءة فتدفعك إلى انطباع معين، ثم تقرأها ثانية و ثالثة فتبدو لك كأنها ليست التي قرأتها من قبل.ثم إن المقاييس التي تقيس بها النص الأدبي – كما يرى نعيمة في " الغربال "- متغيرة و متقلبة بحسب قوة التمييز التي تخضع لاعتبارات شخصية أو فطرية في أغلبها،3 فإذا آمنا بذلك كله دفعنا إلى أن نتيقن أن الرفق في الأحكام النقدية واجب، إذا أردنا أن نكون منصفين في تعاملنا مع الأديب وبالتالي مع نصه. ثم إن نعيمة في موضع من كتابه المذكور يؤكد أن " مهنة الغربلة، لكنها ليست غربلة الناس ، بل غربلة ما يدونه قسم من الناس من أفكار وشعور وميول...هي غربلة الآثار الأدبية لا غربلة أصحابها. " 3
لكن الذي يحدث من الحين والآخر، أن الأديب يضحى متهما في أخلاقه وعقيدته بمجرد أن يخط عبارة هنا أو نصا هناك فيه ما يوحي إلى الخروج عنهما؛ فتنطلق في إثره الاتهامات التي تطالب أحيانا بمصادرة إنتاجه، وأحيانا بمحاكمته، وأحيانا أخرى بتكفيره أو تفسيقه، وما إلى ذلك من الأحكام التي رأينا على امتداد القرن الماضي نماذج كثيرة لها.
ويمكننا أن تذكير القارئ هنا بما حدث لنصر حامد أبي زيد وتطليقه من زوجته بحجة الارتداد عن الدين ، وحيدر حيدر بسبب قصته " وليمة لأعشاب البحر" التي " كنوع من المخدرات، أو الممنوعات الأخرى، وزِّعتْ الطبعة الأولى لهذه الرواية، مغفلة من تاريخ النشر واسم الناشر. واختفى عن غلافيها، الخارجي والداخلي، ذكر أي اسم، أو أية إشارة موحية.. سوى اسم المؤلف." 4 فتعالت الأصوات مطالبة بمصادرة الكتاب ومنعه من النشر، وقبله نجيب محفوظ بسبب قصته " أولاد حارتنا" واتهامهما بالإساءة إلى الإسلام. والمعارك الكلامية التي نشبت بين فريقين يدعي الأول أن كل ما يشتم منه رائحة الإساءة إلى الإسلام و رموزه و ثوابته لا يجوز نشره و الترويج له، ويدعي الثاني أن الأديب يملك كامل الحرية في التعبير عما يريد دون التقيد بالدين أو الأعراف أو غيرها.
إن الأدب بوصفه فنا يتخذ من اللغة أداته التعبيرية، لا يمكن أن يكون فقها أو تنظيرا للدين أو لغيره من نواحي الفكر الأخرى، صحيح أنها تنعكس في صفحاته بشكل أو بآخر، ولكننا لا نطالب الأديب أن يكون فقيها أو رجل سياسة أو عالم اجتماع، بل هو أديب يعبر عن أحاسيسه وخلجات ذاته تجاه الحياة من حوله بتنوعها الديني والسياسي والاجتماعي. وإذا كان لا بد أن يحاسب فليحاسب فنيا وجماليا من حيث توظيف اللغة التي عبر بها عن الفكرة، وما تحمله من ثقل تعبيري يتجاوز في الغالب المعاني الظاهرة الصريحة .
فاللغة الانزياحية والرموز والإيحاء عناصر أساسية في التعبير الأدبي، وإذا لم نحسن التعامل معها فإننا نظلم الأديب أكثر من أن ننصفه.وإذا كان مطلوبا منا أن نلتمس للآخر سبعين عذرا في التعامل العام، أفلا نلتمس للأديب مثلها عندما يوظف من التعابير ما يفهم منه أنه مس بالدين أو المعتقد؟ ثم إن الأدب العربي ليس أدبا إسلاميا بالضرورة؛ فروافده عديدة ومتنوعة دينا وثقافة واتجاها، وفيه المسلم و النصراني والعروبي والشعوبي والملتزم وغير الملتزم، وفي عصرنا هناك القومي والشيوعي والعلماني، ولا بد أن تتسع صدورنا لها جميعا. خاصة وأننا ننتمي إلى ثقافة يفرض علينا احترام الغير وخصوصياته والتعايش معه، شرط أن يكون ذلك بشكل متبادل فلا يمس حق أحد بسبب اتجاهه.
ويتفق جميعنا على أن المسائل الدينية والعقدية حساسة جدا، وأن الطعن في الأديان لا تجلب النفع لأي أديب مهما يكن حظه من الإبداع ، أو ناقد مهما تكن حنكته و درجته العلمية. ومن واجب الإنسان أن يلزم حدوده، في الحديث عن الدين، وفي الحديث عمن تحتوي كتاباتهم على أمور تتعلق بالدين أو توحي إليه. صحيح أن الغيرة على الدين واجبة، والدفاع عنه مشروع ومطلوب خاصة في ظل الهجمات المتكررة والصريحة التي تشن عليه منذ تأسيسه، ولكن مهاجمة أي كاتب لاجتهاد فكري، أو روائي لحوار بين شخصيات روايته فيه تلفظ يمس الدين، أو شاعر تجرأ في الخروج عن المألوف فأورد من العبارات ما لا يُتفق معه فيها، هي من الأمور التي تُنتقد ولكن بالطرق العلمية والأخلاقية لا بالطرق الانفعالية التي تصب الزيت على النار بدلا من تصحيح الأوضاع وتصويبها.
وإذا كان كل محظور مرغوب فيه، فتصوروا كيف أن أدباء أو مثقفين استفادوا من هذا النقد الانفعالي فرُوج لكتاباتهم ونالوا بها ما لم يحلموا به عند تأليف ما ألفوا. فلو رُد عليهم بالمنهج العلمي، وبالحجة المقنعة دون تهويل أو صخب لكان الناس تعاملوا معها التعامل الهادئ الصحيح. ومن المؤسف أن نرى أحيانا من ينتقد عالما أو أديبا أو مفكرا وهو لم يقرأ له حرفا، إنما سمع من صديق أو قريب أو قرأ في صحيفة أن هذا الكاتب قد أساء إلى الدين مثلا فيرفع عقيرته بالنقد والاتهام، بل إنه قد يتجاوز ذلك إلى القذف والشتم والتكفير.
و نعتقد أن إنتاج الأديب هو أشبه ببضاعة يعرضها التاجر في السوق، فيها الجميل والقبيح والنضير والذابل والثمين والرخيص، فلا يصح والحال هذه أن نصف التاجر بأوقح الأوصاف لأنه عرض هذا بجانب ذاك، بل الحكمة تقتضي أن نأخذ منه الجميل والنضير والثمين ونترك ما سواها.
قد يفلت منا اتهام من حين لآخر في ظرف ما دون أن يكون مؤسسا منظما، لكن أن يتحول الاتهام إلى ثقافة فتلك المشكلة لقد كانت علاقة الأديب بالناقد منذ القدم مشوبة بالحذر والنفور، كان الأول دائما يشعر بالظلم من ناقديه، فهم لا يفهمونه حق الفهم تارة، ويحملون ما يقوله فوق حده تارة أخرى، وقليلا ما يطمئن لتأويلاتهم واستنتاجاتهم. أما الآن فما عاد النقاد المتخصصون هم أصحاب الشأن في الحكم على الأعمال الأدبية وحدهم، بل أصبحت فئات أخرى تزاحمهم وتقيم الأدب، وتحكم على الأديب دونما زاد فني أو خبرة نقدية، بل دونما أخلاق تضمن قدرا من الاحترام بين الطرفين.
وإذا كان رسولنا الكريم قد قال: ( إنكم لا تسعون الناس بأموالكم وليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق )5، فإن مراجعة هذا النهج في النظر إلى النص الأدبي وصاحبه أكثر من واجبة. فكل عمل يخلو من أخلاق قد تنقلب نتائجه على صاحبه. وقد رأينا كيف أن ضغط الاتهامات التي وجهت إلى بعض الأدباء والمبدعين انقلبت تمردا على القيم والأعراف انتقاما لأنفسهم ممن وضعوهم في قفص الاتهام.
------------------
1 انظر الرابط::http://www.hdrmut.net/vb/t209878.html
2 التفسير النفسي للأدب، عز الدين إسماعيل، 13-16، دار العودة، ودار الثقافة بيروت.
3 الغربال ، ميخائيل نعيمة، 16 وما بعدها ، مؤسسة نوفل- بيروت . ط15 ،1991
4 م . السابق ، 13
5 محنة الذات بين السلطة و القبيلة .محمد رضوان . 77 . منشورات إتحاد الكتاب العرب – دمشق . 2002
6 رواه سفيان الثوري عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأديب.. وثقافة الاتهام (عندما ينقد الشاعر والنص بعيدا عن المنهج النقدي ) .. بقلم رمضان حينوني / الجزائر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مناهج النقد الأدبي المعاصر :: أبحاث و دراسات-
انتقل الى: