منتدى مناهج النقد الأدبي المعاصر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مناهج النقد الأدبي المعاصر

منتدى يعنى بمناهج النقد الأدبي المعاصر .
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الدكتور محمد خرماش أستاذ النقد الأدبي والمناهج المعاصرة محاضرة بكلية الآداب فاس سايس 13مارس2015

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد خرماش
Admin



المساهمات : 44
تاريخ التسجيل : 29/05/2008
الموقع : أستاذ باحث

الدكتور محمد خرماش   أستاذ النقد الأدبي والمناهج المعاصرة                     محاضرة بكلية الآداب فاس سايس    13مارس2015      Empty
مُساهمةموضوع: الدكتور محمد خرماش أستاذ النقد الأدبي والمناهج المعاصرة محاضرة بكلية الآداب فاس سايس 13مارس2015    الدكتور محمد خرماش   أستاذ النقد الأدبي والمناهج المعاصرة                     محاضرة بكلية الآداب فاس سايس    13مارس2015      Emptyالأحد أبريل 05, 2015 6:11 am

ا[size=18]لدكتور محمد خرماش                        محاضرة بكلية الآداب فاس سايس    13مارس2015        
                                     إشكالية المناهج في النقد الأدبي

1- تحليل العنوان:
             أ - عن الإشكالية:
الآشكالية في بعض التعريفات هي محاولة عرض قضية أو مشكلة بتقليبها على وجوهها المختلفة قصد الخروج بما يناسب موضوعها من المعلومات والحلول مع احترام العلاقات المنطقية والعلمية البانية لذلك الموضوع. ولذلك فهي تقتضي العمل على استثمار المعطيات المجمعة من أجل إعادة تكييف المتناقضات وملاءمتها بكفاءة ومقدرة كبيرتين ومناسبتين. فهي إذن نوع من السيرورة المتقدمة في البحث والتنقيب ( تقص، استمارات، مقابلات، حوارات، ملاحظات ، قراءات، تجارب...الخ) والعمل على تحليلها وبسطها وفهمها من أجل إيجاد الأجوبة المفيدة والمقنعة والشافية للأسئلة الشائكة أو الجوانب الغامضة والمعقدة التي يواجهنا بها موضوع البحث أو الدراسة ، وتكوين تصور واضح أو فرضية دقيقة لمخارجه العلمية المنتظرة ، وتأكيد صحتها أو تصويبها وإعادة النظر فيها.
هذا عن الإشكالية ، وسنرى بعد قليل ما هي إشكاليتنا وهل هي حقا إشكالية حسب التعريف السابق والمقولات التابعة له.
     ب – عن النقد الأدبي:
النقد الأدبي عملية فكرية تنصب على الأعمال الأدبية قصد فهمها أو تقريبها أو تفسيرها أو تقويمها، وهي العملية التي يستمد منها النقد مشروعيته وتعريفه وحقيقة وجوده. ولذلك يتراوح تعريف "النقد" بين اعتبار العمل الأدبي موضوعا للتقويم والحكم،أو موضوعا للمتعة الجمالية،أو للفهم والإدراك، وبين البحث عن مقوماته الخِطابية ضمن حياة صاحبه أو ضمن مكوناته أو ضمن قراءته وتلقياته.
ومن هذا التعريف تتفرع ثلاثة مستويات للنظر:
1 – جمالي وهو الذي يعتبر الأدب مولدا للانفعالات التي تشبع الحس الجمالي
2 – نفسي وهو الذي يعتبر الأدب علامة على الحركية السيكولوجية المتفاعلة
3 – اجتماعي وهو الذي يعتبر الأدب علامة على المعطيات الشخصية والسياقية
ولما كان النقد الأدبي في أصله لصيقا بالأدب ومرتبطا به فهو يشترك معه في بعض المعطيات ويقاسمه بعض العناصر حتى ليقال عنه بأنه الأدب الذي يكتب عن الأدب. ورغم الاعتراضات القائمة ضد النقد التطبيقي الذي قد يُعتبر دخيلا أو متسلطا على النص الأدبي، فهو في الحقيقة يعمل كثيرا على تقريب الحقائق الفنية، وعلى فهم المنتج الإبداعي في سائر أبعاده، فيضيء التجربة الأدبية ويكملها، وبذلك ينهض بمهمة خطيرة ودقيقة في خدمة الأدب وفي خدمة الثقافة وفي خدمة المجتمع.
والناقد المحترف على حد قول رولان بارت،وسيط هام بين المبدع والمتلقي فيما يتعلق بإظهار القيم الأدبية، فهو يكتب نتيجة قراءته وتفحصه لكي يجد الآخرون فرصة لقراءة مغايرة أي قراءة أحسن وأخصب.
ومن ثم فمهمة النقد الأساسية أن يبحث في أدبية الأدب التي يمكن أن تتأتى من تنظيم أو تكوين خاص لعناصره اللغوية أو من مرجعياته مثل المبدع والوسط  والسياق وما إلى ذلك...وحينما ينتهي إلى تصنيف إنتاج مّا بأنه أدب او فيه أدبية فهو يقومه ويحكم عليه ولو من طرف خفي.
وبالطبع فالعملية النقدية التي تسعى لتفعيل النص الأدبي وتحقيقه فنيا وفكريا، تنطلق بالأساس من التراكمات المعرفية الحاصلة في مجال الأدب ونقده؛ أي من محاولة تحديد الإجراءات التي تساعد على استكشاف القيم وتمثل الظاهرة،وتبين المعطيات الداخلية أو الخارجية بالنسبة للنص الأدبي، فتجمع المفاهيم المتضافرة في الاتجاه المشترك. وقد يركز الاتجاه على بعض العناصر المكونة للإبداع الأدبي مثل الكاتب أو النص أو المرجع أو المتلقي وبذلك يمكن تصنيفه وتحديده؛ بمعنى أن المحدد الأساس في التوجُّه النقدي هو تلكم الأسئلة القابعة في ذهن القارئ/ الناقد التي سيواجه بها النص والتي سيقيم عليها بحثه ودراسته. وعليه يمكن القول بأن كل عملية نقدية واعية تنطلق من فرضية مسبقة تحدد السؤال المطروح على النص (والذي غالبا ما نقرأه في العنوان) والمتحكم غالبا كذلك في اختيار المتن واختيار المنهج وكيفية التعامل معهما؛ كأن يتساءل الناقد مثلا عمن هو الأديب شخصيا أو فكريا أو ثقافيا أو نفسيا أو اجتماعيا أو ما إلى ذلك؛ أو عن النص و مكوناته وكيفية انبنائه ودرجة الأدبية فيه وما إلى ذلك.  والسؤال المطروح على النقد الأدبي إذن يعود دائما إلى إمكانية وجود تاريخ لتطوره ضمن تطور علاقته مع الأدب وموقفه منه. وثمة مؤلفات عديدة عن النقد أو النقود الأدبية منذ البدايات والى الآن، لكنها لا تستطيع تحديد نقلات بينة ومستقلة في مجال النقد أو المعرفة النقدية ، بمعنى أنها تعيد السابق وتستفيد من اللاحق ، وأن النموذج النقدي لا يفنى ولا يُسلم مكانه لغيره بالمرة، وانما تحصل تعديلات بسبب التفاعل أو التعالق مع العلوم المجاورة أحيانا؛ وبهذا الصدد يمكن الحديث عن المناهج أو المدارس أو النظريات المتداخلة أو المتفاوتة أو المتساكنة؛ والسؤال الأكثر إلحاحا هو الاختيار الممكن بين كل النماذج أو المناهج، والذي غالبا ما لا تحكمه مردودية المنهج أو فعاليته بقدر ما تحكمه أشياء أخرى مثل البعد السياسي أو العقدي أو الجمالي أو ما اليه.
وقد تساءل الباحثون منذ القرن السابع عشر عن امكانية استقلال النقد كعلم قائم بذاته وانفصاله عن الأدب، فاستعمل "سانت بوف" عبارة "علم الأدب" لأول مرة قاصدا بها تاريخ الأدب، ثم تبعه " هبوليت تين" بتصنيفاته المعروفة؛ لكن الذي ميز فعلا بين النقد الأدبي وعلم الأدب هو رولان بارت الذي اعتبر النقدَ خطابا يبحث عن معنى محدود ومعين في العمل الأدبي، وعلمَ الأدب خطابا عاما يراعي تعددية المعنى في الأدب من خلال البحث في مكوناته وأنماطه وقضاياه، ولذلك فالكثيرون ومنهم روجي فايول مثلا لا يعتبرون إنجازات الشعرية أو السميائيات أو السرديات أو الأسلوبيات أو حتى البلاغة الجديدة من النقد الأدبي ، وإنما هي علوم خِطابية وأدبية..  
هذا وتجدر الإشارة إلى أن رصد الاتجاه أو الاتجاهات في النقد الأدبي عملية لاحقة للنقد الأدبي وتدخل في نطاق نقد النقد أو معرفة المعرفة، وأصعب شيء في ممارستها تبيُّن المنهج الذي يحكمها أو يمكن أن يحقق فعاليتها وأهميتها؛وهي لا تملك في الغالب إلا أن تكون وصفية محايدة تدخل في صميم إشكالية المفاهيم والمقولات لضبطها وتأصيلها وتقدير مدى توظيفها ونتائجها، ولو أنها تضطر أحيانا إلى إعادة إنتاج الموصوفات بما لا يخلو من ذاتية أو من مواجهة لمعرفة بمعرفة أوإيديولوجية بإيديولوجية،لكنها تتوخى عادة في المنهج العلمي ما يلي:
- تحديد منطلقات الناقد ولو لم يصرح بها، ومن ثم تحديد منهجه ومقاصده.
- تحديد اختيار المتن ونوعية التحليل والدراسة .
- تحديد الأهداف التي رسمها الناقد وكيف عمل على تحقيقها.
- تحديد مدى الانسجام الحاصل بين المنهج والنتيجة.
على أن عملية التصنيف المنهجي مرتبطة أساسا بنقد الإبداع وليس بالإبداع ذاته، إلا من حيث مناقشة النتائج أو الاستدلال على الناقد بمادة بحثه.
والخلاصة أن النقد الأدبي إنتاج معقد ومتداخل ويصعب تعريفه ولا يمكن أن تكون له حدود ثابتة وقارة ومضبوطة بكيفية نهائية؛لكن لا ينبغي أن يستغرق في الاستطرادات الأنطولوجية التي تبعده عن النص، ولا يجعل من الأعمال الأدبية حقولا للتجارب النظرية، ولا بد أن يزاوج بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي وبين ما هو علمي وما هو فني، ويبحث عن المعرفة كي يطورها أسوة بسائر العلوم واستفادة من نتائجها وتقدمها..
ج- عن المناهج في النقد الأدبي:
أما عن المناهج فنبدأ فيها بالحديث أولا عن تعريف المنهج في المنظور العلمي وعن مفهومه أو مفاهيمه، وعن ضرورة اعتماده وعن صلاحياته وفعاليته في البحث والدراسة وفي سائر العمليات العقلية والثقافية،ثم عن تعدده ليصير منهجا بصيغة الجمع أو مناهج بصيغة الإفراد.     ويتحدد المنهج في التعريف العلمي بأنه مجموع العمليات الذهنية المستخدمة للتوصل إلى معرفة الحقيقة أو البرهنة عليها والتحقق من صحتها تمشيا مع تقدم الفكر تجاه موضوعه تمشيا تصاعديا منتظما في إطار ضوابط منطقية ناجعة وسليمة، وقد يستدعي ذلك عمليات مختلفة مثل الإحصاء والاستقصاء والمقارنة وغيرها ، وتجدر الإشارة إلى التمايز بين مناهج العلوم البحتة المتسمة بالافتراض والتجريب والاختبار، وبين مناهج العلوم الإنسانية المعتمدة عادة على الوصف والاستعراض والموازنات والاستنتاج؛ ولعل أصعب ما يكون المنهج تحديدا وتوضيحا وتطبيقا هو في مجال الدراسات الفنية بعامة وفي مجال النقد الأدبي على وجه الخصوص.
بيد أن الجوانب التي يمكن رصدها ودراستها في النص الأدبي متعددة ومختلفة وذات مستويات كثيرة ومتفاوتة قد تهم مكوناته أو أصوله أو طبيعته أو وظيفته أو تداوله وانتشاره أو ما إلى ذلك، ومن ثم ضرورة تعدد المناهج حسب المقتضيات المطلوبة في التحليل والأبعاد المرصودة في النقد (فنية،تكوينية، فكرية نفسية ،اجتماعية، تعبيرية دلالية الخ) وهو ما يجعله مستندا سلفا إلى فلسفة معينة أو رؤية خاصة تذكي مسألة التعدد والاختلاف بين المناهج وأهدافها رغم أن الجامع بينها هو اشتغالها في حقل الأدب الفسيح .(انظر ص 15 من كتاب :المناهج المعاصرة في الدراسات الأدبية)
- إشكالية المنهج
   عن الأدب والمنهج:
يتميز النص الأدبي بطبيعته الخاصة التي تكمن في توظيف اللغة توظيفا يحقق جمالية التعبير والإبداع، ولذلك يحتاج الى معرفة خاصة لسبر أغواره واكتشاف مقوماته،فهوعالم  كبير يتضمن أبعادا لغوية وتركيبية ودلالية، والمفتاح الذي يقربنا منه هو "المنهج" أي المنظومة المعرفية التي تمكننا من مواجهته بكفاءة وفاعلية؛ وبذلك يكون المنهج عبارة عن مجموعة القيم أو الأفكار المنتظمة في إطار رؤية جامعة لعدد من المبادئ والمفاهيم المتكاملة التي تستخلص من الظواهر المتشابهة أو العناصر المشتركة في فن من الفنون أو حسب شروط وملاحظ ومواصفات معينة، ويمكنها أن تساعد على تقريب الأهداف المنشودة في دراسة النص الأدبي وتحقيق معرفة أوسع بالأدب نظرية وإبداعا.ومع ذلك فالأمر في التفكير النقدي من الصعوبة والتعقُّد بحيث يصبح حضور المنهج إشكالية وغيابه إشكالية كذلك....ا
وقد فرضت مسألة المناهج نفسها إن على مستوى الإبداع ومقاربته أو مقارباته،أو على مستوى الثقافة والفكر والإسهامات المعرفية والإيديولوجية. فمن حيث المقاربة كان لا بد من الخوض فيما يتعلق بنظرية الأدب وطبيعته وحدوده وإنتاجيته،فشكل ذلك الشق الأول من أسباب تعدد المناهج واختلافها؛ ومن حيث التفكير النقدي وتعميق المعرفة الأدبية كان لا بد من ربطه بمختلف أوجه الثقافة والفكر والعلوم، فكان ذلك تكملة للشق الثاني من الخلاف والاختلاف.
وبما أن النقد الأدبي يتداخل مع علوم كثيرة ويسترفد منها فالمفروض ألاّ يتم ذلك إلا بقدر حاجته المناسبة والمفيدة في دراسة الأدب الذي لا ينبغي أن يغفل عن خصوصيته التي تميزه. فليس العيب – كما يقول بيير ماشري – أن يستعين الناقد بمعارف أخرى في عملية النقد، لكن العيب أن يُحل فعاليات تلك المعارف محل الفعالية الأدبية والنقدية.
(P.Macherey ; Pour une théorie de la production littéraire, p62)
ومن ثم يمكن القول بان المنهج النقدي يتبلور أو ينبغي أن يتبلور بين يدي النص الأدبي ومن أجله ،لكن مع الاحتفاظ لكل منهما بسلطته وفاعليته...
وبعد هذا وذاك فلا بد لعملية النقد و"المنهجة" أيضا من متابعة ودراسة ،وهي مسؤولية نقد النقد الذي يحقق الأصول والتأصيل ويقوم بقياس منسوب الارتفاع والانخفاض في مجراه.
د- تصنيف المناهج وتعددها:
- المناهج السياقية:
النص الأدبي نص تكثيفي يجوز له من الاستعمالات اللغوية ما لا يجوز لغيره، فهو يتصرف في الأرصدة اللغوية بطريقة خاصة، ويرتكب الانزياحات التركيبية، كما ينجز التوليفات الأسلوبية، ويبتكر المعاني الطريفة وما إلى ذلك، ومن حقه وربما من خصوصياته أن يتلاقح أو يتفاعل مع خطابات أخرى ومع سائر الأنظمة المعرفية والعلمية والإنسانية، وكلها تشكل أنساقا سياقية في بنيته وجاهزيته وإنتاجيته، ولذلك ينبغي أن يمر تحليله بمعرفتها أولا وبرصد فعلها التكويني والدلالي وعلى سائر المستويات شكلية ومضمونية وجمالية وتواصلية وغيرها. وهكذا اشتغلت في تحليله عدة مناهج عُرفت بالمناهج السياقية وفي مطلعها نظريات "الفلولوجيا"  التي تدرس متغيرات الخطاب وتقدم استنتاجات عن معطياته التكوينية والمعنوية (النقد التكويني) وقد اعتمدها المستشرقون مثلا في دراسة الكتب القديمة واستخلاص محتوياتها ومضامينها وتحديد السياقات وأسباب الظهور التي تحدد معاني الخطاب وتوجهاته ، ونظريات السِّيَر والوسائط الموضوعية المؤطرة للخطاب الأدبي في الجمع بين الاستعدادات الشخصية ومراحل الذائقات المتلاحقة التي تسعف في معرفة الشروط المولدة والخطوات الفاعلة في فهم الخطاب الأدبي وتقويمه وتقوم على محاولة إقامة النص على الوجه الصحيح والأصلي، بتتبع أصوله وكتاباته ، ودراسة المتغيرات مما يعطي فكرة عن أبعاده التكوينية والمعنوية، وكان لها الفضل في إظهار كتب كثيرة مفيدة في الأدب والفكر والحضارة وغيرها، وقد عمل وربما لايزال يعمل بها  الكثيرون في العالم العربي وغيره مع تفاوت في المنظور والمطلوب.(سلامة النص عند العرب – طلب المعنى ومقومات التأويل بمتابعة التفاوت التكويني عند غيرهم). وتهتم المناهج السياقية كذلك بما يلازم تكوين النص أو الخطاب في أساسياته مثل اللغة المنتقاة والكلمات المختارة وكيفية جمعها وترتيبها  بتأثير من قصد معين  أو ظرف محيط أو معرفة خاصة، وهو ما يسميه الذرائعيون  بالمنجز الكلامي المتفاوت مع المعنى الحرفي  أو الخطاب العُرفي المواضعاتي ، وهذا النوع من الدراسة يساعد على تحديد المعنى وتقريبه من حيث تخصيص العام وتكملة النقص وتوضيح الإشارة وتتميم الجملة ووصل الحذف أو القطع وتبديد الغموض والمساهمة في إزالة الغبش أو سوء الفهم والتفاهم، وتقدير ما يحقق الانسجام في الخطاب أو ما إلى ذلك. وبالجملة فهو يلقي الضوء الممكن أو المناسب على ما يحتاج إلى إضاءة في التركيب أوالتكوين أو التدليل؛ وعلى ذلك يرى كثير من الباحثين أن معنى أو معاني الكلمات أو الجمل أو النصوص لا يمكن أن تتضح أو يتضح سبيلها أو السبيل إليها إلا بمعرفة السياق الذي يحيطها أو الذي تتبلور في نطاقه، أي بملاحظة فعالية ما يجاورها وما يساوقها ومدى تأثيراته في تشكُّلاتها،(طلع البدر علينا)، ذلك أن الدلالات في الملفوظ المنتظم تنال قدرا من التحديد والضبط كما في قرائن البلاغة (يعبد القرش)، على عكس الدلالات المعجمية المجردة أو المنفردة التي تبقى مفتوحة على كثير من الاحتمالات وقابلة للعديد من الاستعمالات ، ( عين ، دم، نجم  الخ) ؛ وعلى هذا يمكن القول بأن الخطوة الأولى أو ربما الأساسية في تحليل الخطاب الأدبي هي معرفة سياقاته وإدراك أبعاده البنائية والدلالية.
ومن المعلوم أن المنتظر من كل خطاب أن يقيم في الذهن تصورا واضحا على مستوى الإدراك، وهو ما يسمى بالفهم أو إقامة المعنى، ولن يتأتى ذلك إلا بتحديد مرجعية خاصة أي بمعرفة حقيقة الأشياء أو الأمور المتحدَّث عنها، أي حقيقة ما وراء الكلام، وهي حقيقة قد تظل معلقة في الخطاب الأدبي رغم إصرار علماء اللسان وعلماء الخطاب على أن القيمة المرجعية قيمة محايثة وحاسمة فيه.
وليس من شأن الخطاب الأدبي أن يقدم مرجعياته على طبق من فضة، لكنه يقدم ما يساعد على اكتشافها أو الوصول إلى تحقيقها، ولذلك تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى مسائل كثيرة منها مسألة المعنى والمرجع ومسألة المعنى والسياق ( التوسعات الاصطلاحية ) ( التربية اللسانية ) ومسألة قوانين إنتاج الخطاب أي تجاوز القدرات اللسانية والإجراءات السياقية إلى معرفة النظام السيميوطيقي الذي يحرك عملية التدليل ، ومسألة التنصيص أو الأسلبة ( إقحام ما هو خارج ضمن ما هو داخل وبناء مرجعيات خاصة ) ومسألة التناص ( تدمير المرجعيات الأصل أو تعويمها ) ومسألة اللغة والفكر واللغة والواقع (الواقع الفكري أو الواقع اللغوي ــ الكلام لا يحيل إلا على الكلام ) ( الواقعية النصية أو الواقعية الرمزية) وما إلى ذلك . ومن ثم يأتي دور القراءة و التحليل في تنشيط الحوار الخلاق مع الخطاب الأدبي من أجل تطوير فن القراءة وفن  الفهم والاستيعاب،وذلك مشروط طبعا بشروط ثقافية ومعرفية تسمح  بتحريك آلياته وتجاوز إكراهاته .
ويمكن ان تندرج في هذا النوع من المناهج كل النظريات أو الأبحاث التي تقتصر على النص ومكوناته واشتغالاته مثل البنيوية او البنيويات والأسلوبيات والسرديات والسميائيات ونظرية التناص و التلقي والقراءة والتأويل وغيرها ، وعلى فعاليتها ومنجزاتها المتحققة في المقاربة المباشرة وإظهار أدبية الأدب وخصوصياته  فقد يؤخذ عليها التقليل من شأن مرجعيات الأدب ودلالاته الفكرية والبشرية ودوره في الحياة.
- المناهج الشارحة:
وتهتم بمحيط النص الأدبي أو ظرفياته مثل الزمان المعين والمكان المحدد والمرجعيات الثقافية المشتركة ، وما يمكن أن يعود إلى كل من المرسل والمتلقي  مثل المؤثرات الخارجية ؛ ومنها البعد التاريخي الذي يسعى إلى فهم الخطاب من خلال فهم شخصية صاحبه  وكيف أعدت وتطورت وفي أي بيئة نشأت وتكونت، ومن خلال المعطيات الزمكانية  التي صاحبت ظهوره وإنتاجه الذي تساعد على فهمه وتأصيله؛ ومنها البعد النفسي الذي يرى في الخطاب بعض تجليات التركيبة النفسية لصاحبه واشتغالاتها الديناميكية، وبفهمنا لتلك النفسية  وحركيتها نستطيع إدراك مرامي ذلك الخطاب و دلالاته العميقة (المنهج البيوغرافي والمنهج النفسي النصي)؛ ومنها البعد الاجتماعي الذي يعتبر الخطاب صدى للمعطيات الاجتماعية التي تفرزه ، بل إن المنتِج الحقيقي لذلك الخطاب هو المجموعة أو الجماعة الاجتماعية كما يرى "ل . كولدمان" ، وأن كل خطاب لا بد أن يكون اجتماعيا أو حاملا لحقيقة اجتماعية بالضرورة ، ولتحليله لابد من تحليل المعطيات الاجتماعية المواكبة له ومعرفة مدى تأثيرها في إنتاجه وأثرها في مضامينه ومقاصده. وهكذا يتبين أن إشكالية المناهج في النقد الأدبي هي إشكالية عميقة ومعقدة ومفروضة ولا بد من التعاطي معها بحذق ومعرفة وإتقان.
وإذا كان هناك من قاسم مشترك بين هذه التوجهات والمناهج فهو على الأقل الاتفاق على تقدير دور الدارس والمحلل في إعادة بناء الخطاب الأدبي وفق معطياته الإبداعية أي الدخول فيما يسميه إيكو بالعالم الممكن الذي يتجسد وفق شبكة العلاقات العاملية فيه وهو ما يدعو إلى التمييز في نهاية الأمر بين طبيعة الشكل وطبيعة الإدراك، كما يقول إيزر. فالشكل بنية منفتحة على السياق أو السياقات، لكن لحظة الإدراك تجعلها منغلقة على معنى بعينه يحدده القارئ المحلل الذي لابد أن يُرسي الخطاب على معنى  متماسك وقابل للإدراك والإقناع وهو مبتغى المناهج ومرام الإشكالية كلها.
وتبقى الاشارة الى ان عملية تأسيس المنهج أو فحصه عملية خاضعة بدورها لمراقبة التفكير النقدي المنهجي بمعنى أنها من مسؤوليات نقد النقد او معرفة المعرفة التي تقيس المنسوب وتدعم القوة والفعالية، لأن الفكر ضابط لنفسه كما هو ضابط لموضوعه ، مما لا يقل صعوبة وإشكالا في قضية المناهج برمتها، إذ يجوز التساؤل مثلا عن كيفية تقويم المعرفة وعن المنهج الذي يمكن ان يدرس أو يفحص منهجا آخر؛ وباعتبار المنهج جهاز متكامل من المفاهيم والمقولات ، فقد يجوز القول بأن بحثه ينبثق من ذاته وبأدواته ومن داخل أنساقه التي تنطرح من جديد على بساط التفكير الذي قد يناقشها الحساب أو يزكيها أو يعدلها أو يطورها وينميها ، وقد تتحول العملية في سائرها الى دينامية عقلية مستمرة ومثمرة، وبذلك تبقى إشكالية المناهج في النقد الأدبي مفتوحة وقائمة ما قام التفكير في الأدب ونقده وما قام الإنسان الذي ينشطه ويستثمره....

[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://manahijnaqdia.yoo7.com
 
الدكتور محمد خرماش أستاذ النقد الأدبي والمناهج المعاصرة محاضرة بكلية الآداب فاس سايس 13مارس2015
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مناهج النقد الأدبي المعاصر :: أبحاث و دراسات-
انتقل الى: